%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%A9 - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


من الحكمة القديمة
مترجم عن نصوص هرمسية 4000 قبل الميلاد
ترجمة: ابن زاهدي
حوار بين سيدنا هرمس (مثلث العظمة) وتوت حول العقل والنفس والكلمة

العقل في الإنسان هو الله بنفسه, لهذا فإن بعض الناس لهم من طبيعة الله, وإنسانيتهم أقرب ما تكون من الطبيعة الإلهية. وما من أحد يستطيع أن يغير ما هو مقدر له منذ بدء التكوين, ولكن من يقتدي بالعقل يستطيع أن يحرر نفسه وينقذها من مستنقع الخطيئة.

هرمس: إذا كان لأي شيء بأن يكون من طبيعة الله, فإنه العقل يا توت, وإذا كان هناك من يعلم ذلك فهو فقط من يعلم. العقل يا بني ليس مشتقاً عن الطبيعة الإلهية, بل هو ملتحم بها كالتحام النور إلى الشمس. العقل في الإنسان هو الله بنفسه, وبسبب ذلك فإن بعض الناس من طبيعة الله, وإنسانيتهم أقرب ما تكون من الطبيعة الإلهية, لأن الملاك الصالح قال:
الآلهة هم بشر لا تموت, وهناك بشر يمكن أن نطلق عليها آلهة تموت. ولكن في الأحياء بشكل عام, العقل هو جوهر طبيعتها, لأنه أين توجد الروح يوجد العقل, وأين توجد الحياة توجد الروح. وفي البشر, فإن أرواحهم حياة مشتقة من العقل, لأن العقل هو محرك الروح البشرية باتجاه الخير, فالعقل يؤثر على الروح البشرية لا لمصلحته بل لمصلحتها. ولكن في الأحياء الأخرى, فالعقل يتماشى مع طبيعتها, أما في الروح البشرية فهو يعاكسها. وعندما تدخل الروح إلى الجسد تصبح من أول لحظة معرضة للتلوث بالمتعة والألم, لأنه في الجسم المركب تمتزج المتعة بالألم كامتزاج العصير, والروح تغوص في هذا العصير كما تغوص السمكة في الماء. ولكن أينما اتجهت الروح فإن العقل هو المحكم والمدبر, لأنه يرسل نوره ليضيء طريقها ويوقفها عن فعل ما يضرها, بالضبط كما يفعل الطبيب فوق جسد المريض, فالطبيب لا يتوانى عن استخدام الألم أو الحرق أو الجراحة لإشفاء المريض, بنفس الطريقة, لا يتوانى العقل عن أن يؤلم الروح لإنقاذها من الشهوات التي هي مصدر كل سوء. واعلم يا بني بأن أفدح مرض يصيب الروح هو إنكارها للخالق, ومن ثم الغرق في الملذات والتشوق إلى ما هو كفر وشر والابتعاد عن ما هو فضيلة, عند ذلك يعارضها العقل ويعالجها كما يعالج الطبيب الجسد المريض.
إن أي روح بشرية لا تخضع لإرادة العقل, فهي لا تختلف أبداً عن أرواح المخلوقات الأخرى (الحيوانات) لأن العقل في هذه المخلوقات يتماشى مع طبيعتها المكونة على اتباع الغريزة منذ الولادة. هؤلاء الذين يندفعون مع شهواتهم باتجاه الحيوانية لا يختلفون أبداً عن الحيوانات, وأرواحهم لا تتوقف عن الاندفاع وراء الشهوة ولا يعرفون القناعة مهما تمادوا في طريق الخطيئة. فإن المتعة, والتشوق لها, من من أعظم أمراض الروح. لذلك وضع الله فوقها العقل ليكون الحاكم والمنقذ.

توت: في هذه الحالة يا أبي فإن تعاليمك التي أمليتها علي سابقاً بخصوص القدر (FATE) قد تخطيناها. فإذا كان محتوماً بأن القدر هو الذي يؤدي بالإنسان إلى ارتكاب المعصية، أو لأن يكون قبيحاً، أو للقيام بأفعال الشر من أي نوع كانت، فلماذا يعاقب على ذلك إذا كان القدر قد دفعه إلى ما فعل؟

هرمس: نعم جميع الأفعال يا بني مقدر لها, وبدون قدر لا يمكن لأي شيء بأن يتجسد, ولا لأي شيء كان, سيئاً أم حسناً بأن يحدث. وبنفس الوقت فإن القدر هو الذي يجعل فاعل الشر يشعر بالألم, يفعل ما فعل لكي يتعذب بسبب ما يفعل. لقد قلت لك بأن العقل هو الله, والله يحاسب من يخطئ.
أما الآن يا بني, دعنا من الحديث حول الخطأ والقدر, فموضوع حديثنا الآن هو العقل, وما يستطيع العقل أن يفعل, وكيف يختلف من إنسان إلى آخر. وفي المخلوقات الأخرى فهو يتغير, كما أنه لا يدر على طبيعتها بالمنفعة. أما في الإنسان فإنه ينصح بعدم الاندفاع وراء الغريزة والشهوات. وحول البشر مرة ثانية, يجب أن نقسمهم إلى فريقين, هؤلاء الذين يدارون عن طريق الوجدان, وآخرين لا وجدان عندهم. ولكن جميعهم يخضعون للقدر والتكوين والتغير, لأن في ذلك تكمن بداية القدر ونهايته. وهكذا فإن جميع أبناء البشر يعانون من الأشياء المقدرة لهم. أولئك الذين يخضعون لإرادة العقل لا يعانون نفس المعاناة التي تصيب الآخرين, لأنهم حرروا أنفسهم من البشاعة وتجنبوا السوء, ولذا فلن يصيبهم ألم أو سوء.

توت: ماذا تعني يا أبي؟ أليس المنافق والقاتل وكل من يفعل السوء سيئاً؟

هرمس: لم أقصد ذلك يا بني. إني أقصد من يقوده العقل وليس المنافق. فمن يقوده العقل سوف يتعذب ويتألم عندما يقترف النفاق أو القتل, وبعدها سوف لن يكون منافقاً أو قاتلاً, لأن ما من أحد يستطيع أن يغير ما هو مقدر له منذ التكوين. ولكن من يقتدي بالعقل يستطيع أن يحرر نفسه من الخطيئة, وإني لطالما سمعت الملاك الصالح يقول, وهو وضعها بكلمات مكتوبة, فهو يريد بكل رغبة مساعدة أبناء البشر, لأنه, صدقني يا بني, هو أول من اشتق من الله, وهو يراقب كل شيء ويعطي صوتاً للكلام. نعم أنا بنفسي سمعته يقول: جميع الأشياء هي واحد, وعلى رأسها الأشياء التي يفهمها العقل وحده. الحياة التي تملأ جسدنا هي من الطاقة الإلهية. فالخالق عقله جيد وروحه كذلك. لهذا فالأشياء التي هي من عنصر العقل لا تعرف الانفصال ولا الاندثار. العقل, بكونه مدبر لكل شيء, وبكونه من طبيعة الله, فهو يستطيع أن يفعل ما يشاء. هل يمكنك أن تفهم وتستوعب هذا الكلام (Logos ) لتحصل على جواب للسؤال الذي سألته سابقاً. إني أقصد هنا ما يتعلق بالفعل والقدر. فإذا تصرفت بانتباه وحرص, وتوقفت عن التفكير بما هو غير مهم, فإنك ستكتشف ما هو في منتهى الحقيقة والأهمية حول صفات العقل. إن روح الله تدير كل شيء, تدير القدر والقوانين وكل شيء آخر, وما من شيء مستحيل عليها بما في ذلك القدر الذي يقرر مصير الروح البشرية والأرواح المهملة لما حدث ويحدث. دع ذلك يكفي مما قاله الملاك الصالح من الكلام الجيد.

توت: نعم يا أبي , كلمات مقدسة, ولكن أشرح لي هذا: لقد قلت بأن العقل في الأحياء الأخرى يعمل تمشياً مع طبيعتها, وينسجم مع تصرفاتها الغريزية, ولكن حسب تفكيري فإن التصرفات الغريزية عند الأحياء الأخرى تتبع الشهوات. وإذا كان العقل يتماشى ويعمل معها , أي مع غرائزها, وإذا أمكننا تصنيف تصرفاتها الغريزية في عداد الشهوات , فيمكن أن يقع العقل في مصنف الشهوات, ويصبح من أنواع الشهوة.

هرمس: أحسنت القول يا بني, لقد طرحت سؤالاً جيداً وسأجيبك عليه بدقة. جميع ما هو شبيه بالشهوات في الجسم يمكن تصنيفه في عداد الأشياء التي لا جسم لها, كالإحساس والشعور والإرادة والرغبة. فكل شيء يمكنه من أن يحرك نفسه بنفسه فهو بدون جسم, وكل شيء بدون جسم يحركه العقل, والحركة بحد ذاتها هي طاقة, إذاً , هي من أنواع الشهوة, والاثنان معاً , الدافع والمدفوع هما من نوع الشهوة, الأول هو المحرِّك والثاني هو المحرَّك, وعندما يتحرر الإنسان من الجسد فهو في نفس الوقت يتحرر من الشعور, وبشكل أدق يا بني, فما من سكون بل حركة مستمرة. وبعد فإن الشعور أو الشهوة تختلف عن الحركة, لأن الأول نشيط أما الثاني فهو خامل. الأشياء عديمة الجسم تؤثر بعضها على بعض بغض النظر إذا كانت خاملة أو نشيطة وكلها يمكن اعتبارها من نوع الشهوة أو الطاقة. أما الأجسام فإنها دائماً مدفوعة, ولهذا فهي محرَّكة. لا تسمح للتلاعب بالألفاظ بأن يؤثر على فهمك, فالشعور والتشوق والفعل هما شيء واحد, لا يختلف أحدهم عن الآخر, ويمكننا أن نطلق عليها نفس التسمية دون أن نرتكب أي خطأ.

توت: هل لك أن تشرح لي بوضوح أكثر موضوع الكلمة( المعرفة )( , (Logosإنك تعطيه دائماً أهمية كبيرة ومرتبة متقدمة بين الأشياء التي لا جسم لها.

هرمس: أنتبه جيداً لما أقول يا توت, أن شيئين منحهما الله للإنسان دون جميع الأحياء الأخرى. هذان الشيئان هما العقل والكلمة ( , (Logosوهما لا يصيبهما الموت كما يصيب الجسد. فلقد منح الله العقل للإنسان لكي يتعرف الإنسان إلى الله , وعندما يتعرف الإنسان إلى الله يكون قد سار على طريق الفضيلة. ومنحه الكلام لكي يخاطب الله ويسمعه ويسبحه. وإذا أحسن الإنسان استخدام هذين الشيئين كما يجب , فلا فرق بينه وبين الأشياء التي لا يمسها الموت, فبعد مغادرته للجسد سيتجه إلى الله وينظم إلى صف من التزموا طريق العقل.

توت: لماذا يا أبي لا تستخدم الأحياء الأخرى الصوت للكلام(? (Logos

هرمس: يا بني استخدام الصوت شيء يختلف عن الكلام. لأن الكلام منتشر بين البشر , ولكن الصوت يختلف في الدرجات بين مختلف أنواع الأحياء.

توت: وكذلك بين البشر يا أبي , فالكلام يختلف بين شعب و آخر.

هرمس: لا يا بني , لا تغلط , فالبشر واحد , وكذلك الكلام هو واحد, ولكنه يترجم, ولا فرق فيه عند المصريين أو اليونانيين أو الفرس. يظهر لي بأنك تجهل الحقيقة يا توت حول الكلمة. فالملاك الصالح قال:
الروح في الجسد, والعقل في الروح, والكلمة في العقل, والعقل في الله , والله هو المصدر لكل هؤلاء. الكلمة إذاً هي صورة العقل, والعقل هو صورة الله. أما الجسم فهو صورة الشكل, والشكل هو صورة الروح.
وأدق أجزاء المادة هو أثير , ومن الأثير الروح, ومن الروح العقل, ومن العقل الله , والله يغمر ويحيط كل شيء, أما العقل فيحيط بالروح, والروح تحيط بالأثير, والأثير يحيط بالمادة بل هو عنصر المادة.
الحاجة , والرعاية, وطبيعة الأشياء , هي أدوات كونية لتنظيم المادة. ولكن ما يتعلق بالذكاء فهو من نوع الشعور وأصل الاثنين واحد ولا فرق بينهما, ولكن الأجسام الكونية مكونة من العديد عن طريق التركيب, وهذه الأجسام المركبة تتغير وتتقلب بين بعضها البعض بشكل تلقائي ودائم, وبذلك تتجنب إتلاف وحدتها التي هي الأصل.
وما يتعلق بجميع الأجسام المركبة الأخرى, فكل منها يتكون من عدد معين, لأنه بدون العدد لا يمكن بناء أي شيء, ولا يمكن أن يتم أي تركيب أو تفكيك. الآن نستطيع أن نقول بأن الوحدة تلد العدد, والعدد يتكاثر ويزداد, وعندما تتفكك تعود إلى حيث بدأت, إلى الوحدة.
المادة هي وحدة, وهي, مع جميع الكون, تتحد مع الإله العظيم وصورة الواحد الأعظم. وتحافظ على قانون ونظام المصدر العظيم, المليء بالحياة, والذي هو مصدرها. لا يوجد في الكون بكامله, ولا في كل ما كونه الله, لا في الكل ولا في الجزء, ما يخلو من الحياة. ولا يمكن لنا أن نقول عن أي شيء بأنه كان, أو كائن, أو سيكون في هذا الكون إذا كان ميتاً ولا حياة فيه. والسبب هو كونها جميعاً تتشوق إلى الأصل الذي هو الله. وكيف يكون ممكناً يا بني بأن في صورة الله, مصدر الحياة, شيئاً ميتاً, لأن الموت انحلال واندثار, وكيف يمكن لأي جزء من الذي لا يعرف الانحلال بأن يتحلل, أو لأي جزء منه (الله) بأن يندثر.

توت: أنك تقصد بأن لا شيء يموت يا أبي, وهنا أعني الحياة فيه أو في أجزائه.

هرمس: لا تغلط يا بني في فهم المقصود. إنهم لا يموتون يا بني بل يتفككون من المركب, التفكك ليس موتاً, فهو كما تعني الكلمة تفكك أو تحلل. والمركب عندما يتفكك لا يعني بأن أجزاءه ستندثر وتتدمر. بل إنها رجعت إلى الحالة التي بدأت منها لتتجدد من جديد. وهنا يجب التطرق إلى الحياة وما هو فعلها في الأشياء, هل هو حركة؟ هل يوجد أي شيء في الكون بدون حركة؟ لا يا بني , لا يوجد أبداً.

توت: ألا تبدو الأرض وكأنها ثاُبتة لا تتحرك؟

هرمس: لا يا بني, الأصح هو أنها تتحرك بسرعة هائلة ولهذا فهي مستقرة وثابتة. إنه ما من شيء مثير للضحك أكثر من التفكير بأن الأم التي ترضع وتنمي جميع الأحياء عليها أن تكون عديمة الحركة, لأنه من المستحيل على من هو ساكن وعديم الحركة بأن يعطي عناصر الحياة لمن يتحرك. والسؤال المفروض أن تسأله , إذا كان العنصر الرابع هو السكون, وهذا في منتهى الجهل, لأن الجسم الساكن لا يمكنه أن يعطي إلا السكون. والآن يا بني, فإن كل شيء في الكون في ازدياد أو في تناقص, لأن كل ما هو متحرك هو حي, ولكنه ليس من الضرورة بأن كل الأشياء الحية يجب أن تتشابه. ومن أجل البقاء والاستمرار, فإن الكون ككل ليس عرضة للتغيير, ولكن جميع أجزائه عرضة لذلك. كما أن لا شيء منه عرضة للاندثار أو الدمار. فقط المصطلحات التي يستخدمها الإنسان تؤدي به إلى التشكيك والضياع, لأنه ليس التكوين من أوجد الحياة, ولكنه عنصر الإحساس والشعور بالحاجة. وليس التغيير من أوجد الموت, ولكنه النسيان. ومنذ التكوين, هذه الأشياء حية لا تموت. المادة والحياة والنفس والعقل. كل ما هو حي هو مركب, وكل ما هو حي مدان بالحياة الأزلية للعقل, وأكثر من الجميع الإنسان, لأن الإنسان يمكنه استقبال الله ويشاركه في العنصر. لأنه في حياة واحدة يمكنه أن يرى الله في نومه ويقظته, وعن طريق المعجزات. وفي كل ما يدور حوله ويحيط به يريه الله ما كان وما سيكون. دعه ينظر إلى الطيور , إلى الريح وإلى الأشجار, إلى تعاون الأعضاء داخل جسمه, وعناصر الطبيعة من حوله. فالإنسان بعقله يمكنه أن يعلم ما حدث وما يحدث وما سيحدث. وعليك أن تنتبه لشيء مهم آخ, وهو أن أي نوع من الأحياء الأخرى له مكانه في هذا الكون. الأحياء المائية لها الماء, والأرضية لها الأرض, والهوائية لها الهواء. ولكن الإنسان يستخدم كل هذا, الأرض والماء والهواء والنار (الطاقة). وهو يرى السماء ويستطيع أن يتصل معها بحواسه. ولكن الله يحيط بالجميع, ويغمر الجميع, ويتغلغل في كل شيء, لأنه هو قدرة وطاقة وليس من الصعب تخيله و إحساسه. إذا أردت أن تراه فانظر إلى نظام الكون الدقيق, أنظر إلى حاجة الأشياء الكونية بعضها لبعض, وتخيل الأشياء التي كانت والأشياء التي ستكون. أنظر إلى الأشياء التي تراها جامدة كيف هي مليئة بالحياة, وأنظر إلى الخالق العظيم في حركة دائمة مع الملائكة والمخلوقات.

توت: ولكنك تقول بأن كل هذا طاقة نقية يا أبي.

هرمس: إذا كان هناك طاقة ذاتية عند الأشياء يا بني , فكيف لنظام الكون بأن يكون دقيقاً كما هو, وما هو مصدر تلك الطاقة, هذا التناغم الدقيق بين الأشياء يستلزم طاقة مركزية, ومن هي تلك الطاقة المركزية غير الله. أو انك جاهل, فنفس المنطق الذي يجعل السماء والأرض والماء والهواء أجزاء من الكون, بنفس الطريقة فإن أجزاء الله هي الحياة الأبدية والطاقة والنفس والإحساس والحلم والطبائع والاستمرارية والعقل. كل هذا يمكن أن نطلق عليه الله. ولا وجود لشيء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل بدون وجود الله فيه أو حوله.

توت: هل هو موجود في المادة يا أبي؟

هرمس: المادة يا بني مشتقة من الله لكي يملأ به الفضاء, ولكن ماذا يمكن لك أن تفكر بطبيعة المادة إذا لم تكن مشحونة بالطاقة. فمن هو مصدر تلك الطاقة؟ تذكر بأننا قلنا سابقاً بأن الطاقة من عنصر الله. ومن هو وراء الأشياء الأبدية التي لا تموت؟ ومن هو وراء الحياة في كل ما هو حي؟ ومن هو وراء التغيير الذي يجعل الأشياء تتغير وتتجدد. فإنك عندما تتكلم عن المادة, أو الجسم, أو الإحساس, أعلم بأنها جميعاً طاقة من الله. ومادية المادة هي طاقتها, والتجسّم هو طاقة الجسم, والنفس هي طاقة الإحساس, وهذا كله يعود إلى الله لأنه هو كل شيء وفي كل شيء ومنه كل شيء. ففي الكل لا يوجد إلا الله. أينما يوجد حجم أو فراغ أو نوع أو شكل أو وقت كلها في الله والله فيها, لأنه هو الكل والكل يحيط ويغمر الكل, وهو يستحق يا بني محبتك وعبادتك. وأخيراً أقول لك بأنه يوجد فقط طريقة واحدة لعبادة الله ومحبته, وهي: لا تكن سيئا ً.